كيف يُغيّر مستشفى جامعة بنسلفانيا المعروفة ب:(بن ميدسينPenn Medicine) العالم باستخدام تقنية الـ mRNA
كانت لقاحات فيروس كوفيد-19 هي البداية لاستخدام تقنية الحمض النووي الريبوزي المرسال، أو ما يُعرف بـ mRNA، وذلك لمواجهة تحدٍ صحيٍّ عالميٍّ وقتها، وقد حصل علماء (بن ميدسين) بكلية بيرلمان للطب بجامعة بنسلفانيا(The Perelman School of Medicine in Philadelphia, Pennsylvania)، على جائزة نوبل للفيزيولوجيا أو الطب عام 2023 بفضل اكتشاف هذه التقنية، خاصة أنها كانت الأساس لتطوير علاجات جديدة لأمراض لم يكن لها علاج من قبل.

فمنذ أواخر التسعينيات، عمل كل من كاتالين كاريكو -عالمة الكيمياء الحيوية- والعالِم درو وايزمان معاً في (بن ميدسين) على اكتشاف كيفية استخدام الحمض النووي الريبوزي المرسال mRNA بطريقة آمنة كنوع جديد من اللقاحات أو علاجات الأمراض، وعندما ضربت جائحة كورونا العالم سنة 2020، مكّنت هذه الاكتشافات من التوصل إلى لقاحات جديدة من شركة Pfizer/BioTech و Moderna - مما أنقذ حياة ملايين الناس حول العالم، ومع ذلك، فإن إيقاف الجائحة لم يكن سوى نقطة البداية للإمكانات المحتملة لهذه التكنولوجيا المتطورة الحاصلة على جائزة نوبل.
تمثل هذه الابتكارات الطبية الحيوية من (بن ميدسين) في استخدام تقنية mRNA أداة متعددة الاستخدامات، فهي ليست مجرد علاج لمرض واحد، بل يمكن أن يكون لها استخدامات غير محدودة، فإذا تمكّن الباحثون من معرفة تسلسل بروتين معين يرغبون في إنتاجه أو استبداله، فسيكون من الممكن استهداف مرض معين.
ومن خلال معهد بنسلفانيا لابتكار الحمض النووي الريبي (RNA) بإدارة وايزمان، وهو أستاذ عائلة روبرتس لبحوث اللقاحات في كلية بيرلمان للطب في بنسلفانيا، يعمل الباحثون على ضمان أن الإمكانات اللامحدودة لهذه التقنية يمكنها أن تلبي أصعب وأهم احتياجات العالم.
علاجات محتملة للأمراض المعدية وأكثر
بالنظر إلى بعض المشاريع التي يشارك فيها مختبر وايزمان، نجد أن تقنية mRNA هي السر في ابتكار علاجات للعديد من الأمراض، حيث أكد وايزمان على أن الجهود في المختبر تتجه في مجالات مختلفة، وأهمها مكافحة الملاريا في الولايات المتحدة وأفريقيا، ومكافحة داء البريميات في جنوب شرق آسيا، إضافة إلى ابتكار لقاحات لحساسية الفول السوداني، ولقاحات المناعة الذاتية.
وإضافة إلى ذلك، تجري أيضاً بعض التجارب السريرية للقاح الملاريا الجديد، إلى جانب لقاح mRNA الذي طورته (بن ميدسين) لعلاج الهربس التناسلي، وآخر يهدف إلى الحماية من جميع أنواع الفيروسات التاجية (كورونا)، ومن المقرر أن تبدأ قريباً تجارب إنتاج لقاحات ضد فيروس النوروفيروس، والبكتيريا المطثية العسيرة.
علاجات جينية لفقر الدم المنجلي وأمراض القلب
يعمل مختبر وايزمان على استخدام تقنية mRNA كعلاج جيني مصمم لمرضى فقر الدم المنجلي، وهو مرض وراثي خطير ومؤلم يصيب حوالي 20 مليون شخص حول العالم، حيث يولد حوالي 300 ألف طفل كل عام بهذه الحالة، خاصة في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وقد قام فريق وايزمان بتطوير تقنية لتوصيل نسخة معدّلة من mRNA إلى الخلايا الجذعية في نخاع العظام، توجّه خلايا الدم الحمراء بإنتاج الهيموغلوبين الطبيعي بدلاً من النسخة "المنجلية" المشوهة التي تسبب المرض.
في الوقت الذي تعدّ فيه العلاجات الجينية التقليدية علاجات معقدة ومكلفة، يأتي العلاج الجيني mRNA ليكون أقل تعقيداً، حيث أنه عبارة عن حقنة بسيطة في الوريد تؤخذ لمرة واحدة لعلاج المرض، ومن المتوقع أن يكون لمثل هذه هذا العلاج تطبيقات على العديد من العيوب الجينية الخلقية الأخرى في الدم والخلايا الجذعية.
وفي برنامج جديد آخر، وجد الباحثون في (بن ميدسين) طريقة لاستهداف خلايا عضلات القلب، حيث يمكن لطريقة العلاج الجيني هذه التي طورها فريق وايزمان، بالتعاون مع الدكتور فلاد موزيكانتوف، الأستاذ المؤسس في أبحاث الجسيمات النانوية، إصلاح القلب أو زيادة تدفق الدم إليه، سواء بعد نوبة قلبية أو لتصحيح عيبِ وراثي في القلب، دون الحاجة إلى جراحة.
يقول وايزمان: "هذا أمر مهم لأن أمراض القلب هي القاتل الأول في الولايات المتحدة والعالم"، ويقول أيضاً: "أدوية أمراض القلب ليست مخصصة للقلب فقط، وعندما تحاول علاج احتشاء عضلة القلب أو اعتلال عضلة القلب أو غيرها من العيوب الجينية في القلب، يكون الأمر صعبًا للغاية، لأنك لا تستطيع توصيله إلى القلب تحديداً".
الجدير بالذكر أن فريق وايزمان يشارك أيضاً في برامج اضطرابات النمو العصبي والأمراض التنكسية العصبية، بهدف استبدال الجينات أو توصيل بروتينات علاجية قد تساعد في علاج هذه الأمراض وربما تشفيها.
الوصول العالمي إلى علاجات mRNA المنقذة للحياة
لحُسن الحظ، فإنّ تقنية mRNA بسيطة، لدرجة تجعل إمكانية توفُّر العلاجات المُستقاة منها في جميع أنحاء العالم مُمكنة، وبتكلفة منخفضة، حتى في الأماكن ذات الموارد المحدودة، حيث أوضح وايزمان بأنها "مجرد حقنة في الوريد" أي لا تحتاج لمعدّات فاخرة وإمكانيات مكلفة.
وحتى اليوم، تمكّن وايزمان من بناء 18 موقعًا لممارسة التصنيع الجيد (GMP) قادرة على استخدام تقنية mRNA في جميع أنحاء العالم، وهو نوع من مرافق الإنتاج المتخصصة التي يمكنها صنع الأدوية واللقاحات للاستخدام البشري.
وقال وايزمان إن جميع هذه المواقع بدأت بتصنيع اللقاحات في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ولكنها جميعها مهتمة بتطوير العلاجات والعلاجات الجينية، وتوقّع قائلاً: "أعتقد أنه في السنوات القليلة المقبلة، سنرى المزيد والمزيد من مواقع GMP ومواقع البنية التحتية البحثية في جميع أنحاء العالم وهي تطور علاجات جديدة ومبتكرة."
وأخيراً، يعدّ التعاون من الأمور الأساسية التي تضمن الوصول العالمي لأبحاث mRNA في (بن ميدسين)، ويُجسّد المختبر الجديد هذا المفهوم، حيث يوفر بيئة مثالية لفريق الدكتور وايزمان للتواصل والتعاون مع زملاء من مختلف التخصصات.
وقال وايزمان: "سيكون من المستحيل على أعضاء مختبري أن يتعلموا ويضعوا أنظمة نموذجية جديدة لكل مرض أردنا متابعته". ولهذا «نحن نحرص على إيجاد أفضل الأشخاص في العالم ونسألهم: هل ترغبون في التعاون في صنع هذا اللقاح أو العلاج؟ وبالنسبة لي، هذا هو أهم شيء يجعل البحث ناجحًا، ويسمح للأبحاث بالمضي قدمًا".
لأي استفسار إضافي، يرجى التواصل مع: مولاي العربي العلوي، مدير تطوير الأعمال الدولية، عبر البريد الإلكتروني: [email protected]
تحدثي مع طبيب نسائية بخصوصية تامة في عيادة ويب طب الالكترونية

تحدثي مع طبيب نسائية بخصوصية تامة في عيادة ويب طب الالكترونية