الضغط داخل القحف
Intracranial pressure
الضغط داخل القحف هو الضغط الناشئ في داخل الجمجمة بواسطة الأجزاء التي تتكون منها، وهي: الدماغ، والأوعية الدموية، والسائل النخاعي (CSF - cerebrospinal fluid)، وهو مساوٍ لضغط السائل النخاعي الذي يُمكن قياسه بواسطة البزل القطني (Lumbar puncture)، وقيمته الطبيعية هي حوالي 8 ملليمتر زئبق، أو 110 ملليمتر ماء، هذه القيمة متغيرة وتتعلق بعدة عوامل، مثل:
- وضعية الجسم والرأس.
- عمل القلب والتنفس.
- الجهد.
- الضغط في الأوردة ومحفزات الألم.
إن الجمجمة تُشبه صندوقا صلبًا ومغلقًا، ولذلك فإن ارتفاعًا في حجم أي واحد من مركباتها يؤدي إلى ارتفاع الضغط في داخل الجمجمة.
تغيرات الضغط داخل الجمجمة
يُمكن أن يحدث تغيرات للضغط داخل الجمجة وهي كالآتي:
1. فرط الضغط داخل الجمجمة
إن فرط الضغط داخل الجمجمة هو حالة طبية تتطلب المعالجة العاجلة وعادةً تنجم عنه عواقب وخيمة وخطيرة.
ارتفاع الضغط لا يحصل مباشرة مع التغيير في الحجم، إذ إن زيادة الحجم في أحد أقسام الدماغ إلى حد معين لا تُسبب ارتفاعًا في الضغط، وذلك بفضل آليات التكيّف والتعويض الموجودة في الدماغ وبفضل مرونة الأنسجة المختلفة، ولكن إذا تجاوزت زيادة الحجم هذا الحد فإن أي زيادة بسيطة في الحجم تُسبب ارتفاعًا حادًا في الضغط داخل الجمجمة.
نتائج فرط الضغط في داخل الجمجمة قد تكون خطيرة، بسبب انخفاض ضغط التروية (Perfusion pressure) الدماغية إلى حدّ التوقف عن تزويد خلايا الدماغ بالدم.
ضغط التروية هو الفارق بين ضغط الدم داخل الشرايين الصغيرة وبين الضغط داخل الجمجمة، وهو الذي يتحكم في الواقع بعبور الأكسجين والمستقلبات (Metabolites) من الدم إلى خلايا الدماغ.
في الدماغ السليم هنالك آلية لتنظيم وضبط تدفق الدم (Auto regulation) تُحافظ على تدفق مستمر بدون أي علاقة بمستويات ضغط الدم، وذلك بواسطة تغيير درجة مقاومة جدران الأوعية الدموية.
هذه الآلية تتشوش في أعقاب الاضطراب الذي أدى إلى ارتفاع الضغط داخل الجمجمة فتجعل الدماغ حساسًا للتغيرات في ضغط الدم، وفي المقابل فإن الارتفاع في الضغط يُقلل أكثر فأكثر من ضغط التروية، وهي حالة تُشكل خطرًا على الدماغ وحيويته.
2. نقص الضغط داخل الجمجمة
قد ينخفض الضغط في داخل الجمجمة إلى دون مستواه الطبيعي، وذلك في أعقاب تسرب السائل النخاعي نتيجة لحدوث ثقب تلقائي، أو جراء صدمة بعد إجراء البزل القطني في أغشية الدماغ.
أعراض الضغط داخل القحف
في الآتي أبرز العلامات التي تؤدي إل عدم توازن الضغط داخل القحف:
1. علامات ارتفاع فرط الضغط داخل القحف
من أبرز العلامات والأعراض التي تُسبب فرط الضغط داخل الجمجمة:
- الصداع.
- القيء.
- تشوش الرؤية.
- ازدواجية الرؤية.
- ارتفاع في ضغط الدم.
- انخفاض في نظم القلب.
- تغيرات سلوكية.
- انخفاض درجة الوعي إلى درجة الغيبوبة (Coma).
- تغيرات في التنفس والاختلاج (Convulsions).
2. أعراض انخفاض الضغط داخل القحف
التجسيد الأساسي لهذه الحالة هو الصداع الذي يزداد أثناء الوقوف.
أسباب وعوامل خطر الضغط داخل القحف
هناك العديد من الأسباب والعوامل لارتفاع الضغط داخل القحف، وانخفاضه، وهي على النحو الآتي:
1. أسباب ارتفاع الضغط داخل القحف
الزيادة في حجم أي واحد من المكونات الداخلية للجمجمة لأسباب مختلفة قد تسبب فرط الضغط داخل الجمجمة، وتكون على النحو الآتي:
-
زيادة في حجم السائل النخاعي
السائل النخاعي هو سائل مائي يبلغ حجمه الكلي حوالي 150 سنتيمترًا مكعبًا يتدفق في الفراغات التي في داخل بطينات الدماغ (Ventricles of the brain) وحول الدماغ والحبل النخاعي، ويُساعد في توفير حماية ميكانيكية للدماغ وفي تنظيم عمله الأيضي وفي إزالة الإفرازات.
يتم امتصاص السائل النخاعي في الجزء العلوي من سطح الدماغ إلى داخل الجيوب الوريدية الواسعة من خلال الهياكل الزغابية المجهرية التي تُسمى الزغابات العنكبوتية (Arachnoid villi).
التوازن الحساس والدقيق بين إنتاج السائل وبين امتصاصه يحافظ على كميته الثابتة المحدد، قد تزداد هذه الكمية بشكل كبير مما يُسبب فرط الضغط داخل الجمجمة في أعقاب الاضطرابات كما يأتي:
- زيادة في إنتاج السائل النخاعي (CSF): هي ظاهرة نادرة للغاية، وذلك لأن طاقة الامتصاص السليمة للسائل النخاعي أكبر بكثير من طاقة إنتاجه.
- اضطراب في تدفق السائل: ينجم عن انسداد قنوات السائل نتيجة الآتي:
- تشوهات خلقية.
- عدوى.
- نزيف.
- ورم ضاغط.
- عملية تحتل مكانًا آخر حولها، حيث يتجمع السائل الذي تم إنتاجه في البطينات التي فوق الانسداد، فيؤدي إلى انتفاخها وازدياد حجمها مما يزيد من الضغط في داخل الجمجمة، هذه الحالة التي تسمى الاستسقاء الدماغي (Hydrocephalus) الانسدادي تتطلب، بالإضافة إلى معالجة مسبب الانسداد، معالجة عملية جراحية التسرب (Shunt)، أي تركيب أنبوب صغير من البطين الجانبي إلى قناة تحت الجلد ثم إلى تجويف البطن.
- اضطراب في امتصاص السائل: يحدث جراء انسداد الزغابات العنكبوتية بواسطة نواتج الالتهاب، أو نزيف في السائل النخاعي، أو جراء سبب غير معروف.
-
ازدياد حجم الدم في الدماغ
الشرايين الدماغية حساسة للتغيرات التي تحصل في تركيز الغازات في الدم، فارتفاع الضغط الجزئي لثاني أكسيد الكربون أو انخفاض حاد في الضغط الجزئي للأكسجين جراء مشاكل في التنفس يؤديان إلى توسيع الشرايين الدماغية، وازدياد كمية الدم في الدماغ.
الارتفاع الحاد في ضغط الدم يُمكن أن يؤدي إلى اضطرابات في آليات التنظيم الذاتي (Autoregulation)، وإلى فرط الضغط داخل الجمجمة جراء ارتفاع حجم الدم، إضافة إلى وذمة دماغية (Brain Edema).
وقد ينجم الازدياد في حجم الدم الوريدي في الدماغ عن انسداد قنوات التصريف من الجيوب الوريدية من جراء خثار (Thrombosis)، أو وجود جسم غريب، مثل: ورم، أو كسر يُشكل الضغط، أو من ارتفاع في الضغط الوريدي المركزي المنقول إلى أوردة الدماغ.
-
أسباب أخرى
تشمل هذه الظاهرة العوامل الرئيسية المسببة لفرط الضغط في داخل الجمجمة:
- عمليات تحتل مكانًا في تجويف الجمجمة: مثل: ورم، أو كيس (Cyst)، أو نزيف، أو خُراج (Abscess).
- وذمة دماغية (Brain edema): انتفاخ في نسيج الدماغ جراء تجمع سوائل في داخله كردة فعل على مجموعة كبيرة من الإصابات منها:
- كدمة.
- احتشاء (Infarction).
- ورم.
- نزيف.
- التهاب.
- نقص التأكسد (Hypoxia).
- اضطرابات أيضية (Metabolic disorders).
- سُميّة (Toxicity).
2. أسباب انخفاض الضغط داخل الجمجمة
من أسباب انخفاض الضغط داخل الجمجمة:
- تسرب السائل النخاعي نتيجة لحدوث ثقب تلقائي.
- التعرض لصدمة بعد إجراء البزل القطني في أغشية الدماغ.
مضاعفات الضغط داخل القحف
من أبرز مضاعفات ارتفاع الضغط داخل القحف:
- الانفتاق، وهو دفع محتوى النسيج الدماغي من جزء واحد في الجمجمة الضغط فيه مرتفعًا إلى جزء آخر الضغط فيه أقل بكثير، وذلك عن طريق فتحات ضيقة في أغلفة الدماغ، أو في قاعدة الجمجمة.
- الإغماء.
- نوبات الصرع.
- الموت.
تشخيص الضغط داخل القحف
من أبرز طرق تشخيص ارتفاع الضغط داخل الجمجمة وانخفاضه ما يأتي:
1. تشخيص ارتفاع الضغط داخل القحف
يتم تشخيص ارتفاع الضغط داخل القحف:
-
الفحص الجسماني
يتم إجراء فحص جسماني اامرضى خصوصًا الأطفال، حيث يظهر لدى الأطفال الرضع اليوافيخ القحفية (Fonticuli cranii) منتفخة، وقد تنفصل الدروز القحفية (Suturae crania) عن بعضها.
-
فحص قاع العين
خلال فحص قاع العين تُظهر وَذَمَةُ حُلَيمَةِ العَصَبِ البَصَرِيّ (Papilledema).
-
فحوصات تصويرية
من أبرز هذه الفحوص التي يتم إجراؤها:
- التصوير المقطعي المحوسب (Computed Tomography – CT).
- التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic resonance imaging - MRI) للجمجمة لاكتشاف وتحديد مسببات فرط الضغط داخل الجمجمة.
-
البزل القطني
يُتيح البزل القطني استخراج السائل النخاعي وقياس الضغط، لكن هذه العملية خطيرة ويُمكن أن تُسرّع من الانفتاق، أو الوذمة الدماغية.
-
مراقبة الضغط داخل الجمجمة
تتم بواسطة جهاز استشعار (Sensor) يتم إدخاله من خلال ثقب إلى داخل الجمجمة فيقوم بقياس الضغط بشكل مستمر.
يتم إدخال جهاز الاستشعار إلى البطين الجانبي، أو الجوف تحت العنكبوتية (Subarachnoid cavity)، أو الجوف تحت الجافية (Subdural cavity).
وهنالك ابتكار محدث يُمكّن من قياس غير باضع للضغط داخل الجمجمة، وذلك بواسطة أجهزة تعتمد على استشعار صدى الرنين للموجات فوق الصوتية في أنسجة الدماغ.
وهذا القياس ذو أهمية للمراقبة والرصد المستمرين ولتحديد إذا كان المريض معرضًا لخطر تأذي الدماغ جراء ارتفاع الضغط نتيجة لإصابات، أو عملية جراحية في الدماغ، وغيرها، وكذلك من أجل استخراج السائل النخاعي لإجراء فحوصات وللتقليل من الضغط.
2. تشخيص انخفاض الضغط داخل القحف
يتم تحديد التشخيص بواسطة ملاحظة الضغط المنخفض في البزل القطني، ثم يتم تأكيده بواسطة فحص التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يُبين بروز في أغلفة المخ بواسطة مادة تباينية تُدعى الغادولينيوم (Gadolinium).
علاج الضغط داخل القحف
بشكل عام يجب الإسراع في العلاج ارتفاع الضغط داخل القحف على النحو الآتي:
- معالجة المسبب الأولي: يكون بواسطة أدوية مدرة للبول (Diuretics) وذلك لتقليل كمية الماء في الدماغ ولإنتاج السائل النخاعي.
- العلاج وفقًا للحالة: من خلال تخدير كلّي، أو تنفس اصطناعي مع خفض تركيز ثاني أكسيد الكربون، حيث تنقبض الشرينات (Arterioles) مما يُقلل حجم الدم في الدماغ.
- استخدام كورتيكوستيرويدات: مثل: ديكساميثازون (Dexamethasone) الذي يُقلل بدوره من الوذمة حول الورم.
- الأدوية من عائلة الباربيتورات (Barbiturate): قد تُساعد في الحد من تدفق الدم في الدماغ، وتقليل الضغط داخل الجمجمة.
الوقاية من الضغط داخل القحف
لا يُمكنك منع الإصابة بارتفاع الضغط داخل الجمجمة، ولكن يُمكن منع إصابة الرأس، ويتم ذلك من خلال الآتي:
- احرص دائمًا على ارتداء خوذة عند ركوب الدراجة أو ممارسة الرياضات التي تتطلب الاحتكاك الجسدي.
- ارتد حزام الأمان عند القيادة وأبق مقعدك في الخلف قدر الإمكان عن لوحة العدادات أو المقعد الذي أمامك.
- احرص دائمًا على ربط الأطفال بمقعد أمان للأطفال.
- تجنب السقوط في المنزل، حيث أنه سبب شائع لإصابة الرأس خاصة عند كبار السن، احرص على الحفاظ على الأرضيات جافة ومرتبة، وإذا لزم الأمر قم بتركيب الدرابزين.