النخر
Necrosis
النخر هو موت أنسجة في الجسم بسبب قلة تدفق الدم إليها، وفي حال موت الأنسجة بمساحات كبيرة فإن الحالة تُسمى الغرغرينا (Gangrene).
النخر يُعدّ من الحالات المرضية التي تنتج من التحلل الذاتي للأنسجة بمساعدة عوامل خارجية بكل تأكيد، ويُقصد بالتحلل الذاتي أن الأنسجة تبدأ تهضم مكونات خلاياها بشكل غير منتظم بالرغم من أن الخلايا بصحة جيدة وليست بحاجة إلى تجديد.
في الوضع الطبيعي يحدث يوميًا تجدد لبعض الخلايا وهذا مفيد جدًا لصحة الجسم، لكن النخر يختلف تمامًا عن تجديد الخلايا، إذ أنه يستهدف كافة الخلايا الجديدة والقديمة دون تميز بينهما.
عندما يبدأ العضو بنخر نفسه فإن الجسم يستجيب لهذا الأمر مباشرةً، فيرسل الجسم كريات الدم البيضاء والخلايا البلعيمة إلى المنطقة، وهي فعلًا تقوم على القضاء على الخلايا الميتة، لكن بسبب المواد التي تُطلق من كريات الدم البيضاء فإن الخلايا المحيطية تتأثر سلبًا مما يمنع الشفاء ويبقى العضو في حالة تنخر.
يُمكن القول أن النخر ينقسم لنوعين رئيسين، وهما:
- النخر الخارجي الذي يُصيب الجلد.
- النخر الداخلي الذي يُصيب الأعضاء.
أشكال النخر
يوجد عدة أشكال للنخر في الجسم، وفي ما يأتي سيتم ذكر أبرزها:
1. النخر التخثري
النخر التخثري يحدث غالبًا في الأعضاء الداخلية، مثل: الكبد، والقلب، والغدد الكظرية، ويتسبب بتكوين مادة هلامية تُكتشف بالفحص المجهري، وهذا التنخر ينتج من تحلل بروتين الخلايا.
2. النخر التراكمي
النخر التراكمي ينتج عادةً من عدوى بكتيرية أو عدوى فطرية، وفيه تنتج الخلايا المتنخرة كتل سائلة صفراء اللون والتي تُعرف بمُسمى الصديد.
هذا النوع يحدث في كافة أعضاء الجسم، لكنه يكثر في الدماغ بسبب احتوائه على الدهون الهاضمة التي تحفز عملية التنخر بشكل كبير.
3. النخر الغضروفي
هو نخر يكثر في الأطراف السفلية والجهاز الهضمي، ويتميز هذا النخر أنه رطب أي أنه ينتج عنه سوائل وتبقى المنطقة المُصابة به رطبة.
4. النخر الدهني
يختص النخر الدهني بالأنسجة الدهنية، وهو يكثر في البنكرياس مؤديًا إلى التهاب البنكرياس الحاد.
5. النخر الليفي
هو نخر يحدث غالبًا بسبب تلف الأوعية الدموية في العضو، ويتميز هذا النوع بوجود أجسام مضادة داخل جدران الشرايين.
أعراض النخر
تتمثل أبرز أعراض النخر في ما يأتي:
1. أعراض النخر الخارجي
في حال كان النخر في منطقة الجلد فإن الأعراض الظاهرة تكون كما الآتي:
- تغير لون الجلد للون القاتم ليصل لونه للأسود في الحالات المتقدمة.
- فقدان الإحساس بالمنطقة المُصابة.
- خروج الصديد والسوائل من المنطقة.
- تورم المنطقة.
2. أعراض النخر الداخلي
في حال كان النخر في أحد الأعضاء الداخلية فإن الأعراض تتمثل بالآتي:
- شحوب لون البشرة.
- ألم في مكان العضو، فمثلً في نخر الكبد يحدث ألم في البطن.
أسباب وعوامل خطر النخر
تمثلت أبرز مُسببات النخر في ما يأتي:
1. قضمة الصقيع
قضمة الصقيع هي حالة تضرر بها الأنسجة نتيجة تعرضها للبرد الشديد، إذ أن الأنسجة من شدة البرودة تبدأ بإتلاف نفسها بصورة غير منتظمة مُسببة النخر.
في حال عدم علاج قضمة الصقيع مباشرةً فإن العضو سيتغير لونه بالتدريج إلى اللون الأسود ليموت تمامًا بعدها، لذا وجب مراجعة الطبيب فور تعرض العضو للبرد والبدء بظهور تغيرات عليه.
2. تجلط في أحد الأوعية الدموية
في حال حدوث تجلد في أحد الأوعية الدموية التي توصل الدم لعضو ما، فإن العضو لن يحصل على كمية الأكسجين الكافية له، مما يؤدي إلى نخر العضو بشكل كبير.
3. الحوادث
التعرض للجروح أو السقوط أو التعرض لحوادث السيارة جميعها أسباب قد تؤدي إلى نخر العضو المُصاب، ويعود السبب في ذلك إلى أن تلك الإصابات قد تحد من وصول كمية الأكسجين المناسبة للعضو مما يؤدي إلى تلفه بالتدريج.
4. أسباب أخرى
يوجد العديد من الأسباب الأخرى التي تؤدي إلى النخر، ومن أبرزها الآتي:
- التعرض للإشعاع نتيجة علاج مرض السرطان مثلًا.
- الإصابة بأمراض مزمنة، مثل: السكري، والسرطان.
- التعرض للمواد الكيميائية.
- لدغات بعض أنواع العناكب.
- لدغة الأفاعي.
- العدوى الفطرية.
- العدوى البكتيرية.
- اضطرابات الغدد الصماء.
مضاعفات النخر
المضاعف الأكثر شيوعًا عند التعرض للنخر هو بتر العضو، إذ يُقرر الطبيب بتر العضو المُصاب إن كان خارجيًا مثل الأطراف، أو استئصال العضو إن كان داخليًا لمنع امتداد النخر.
الهدف من بتر العضو أو استئصاله هو الحد من انتشار النخر إلى الأجزاء المجاورة وبتالي التسبب بأضرار أكبر.
البتر قد يكون من المُضاعفات ذات الأثر النفسي السيء على المريض، فأحيانًا يكون المضاعف التالي للبتر هو الأمراض النفسية التي تحتاج إلى متابعة مُكثفة لعلاجها.
تشخيص النخر
يتم تشخيص النخر بالطرق الآتية:
1. الفحص البدني
الفحص البدني السريري كفيل بتشخيص النخر الخارجي أي المتواجد على الجلد، فالطبيب قادر من خلال النظر على العضو ولمسه أن يُحدد أن الحالة هي نخر.
أثناء الفحص البدني قد يسأل الطبيب المريض عدة أسئلة وهي:
- هل كان العضو يُعاني من جرح فيه؟
- هل تعرضت سابقًا لصدمة مثل حادث سيارة أو سقوط؟
- متى بدأت الحالة؟
- هل يوجد ألم في المنطقة؟
إجابات هذه الأسئلة تؤكد للطبيب التشخيص، لكن هناك العديد من الفحوصات التي يجب إجراءها لتشخيص النخر الداخلي، تابع القراءة لمعرفتها.
2. الفحص بالتصوير بالرنين المغناطيس
يتم التطرق لتصوير الرنين المغناطيسي لتشخيص النخر الحاصل في الأجزاء الداخلية في الجسم، فهذا التصوير يُعطي صورة ثلاثية الأبعاد وواضحة لما يحتويه الجسم.
3. فحص الخزعة
يتم أخذ خزعة من العضو الذي يتم الشك به أنه يُعاني من النخر، وإرساله إلى المختبر لتأكيد الحالة أو نفيها.
4. فحوصات أخرى
قد يتطرق الطبيب لإجراء الفحوصات الآتية أيضًا:
- الفحص بالأشعة المقطعية.
- فحص الدم الشامل.
علاج النخر
يتم علاج النخر بالطرق الآتية:
1. العلاج بالتنضير (Debridement).
التنضير هي عملية تهدف إلى إزالة الأنسجة الميتة المتواجدة بالعضو وقد يكون هذا الإجراء جراحي في حال كانت الإصابة في الأعضاء الداخلية، وقد يكون غير جراحي إن كانت الإصابة خارجية كما في الجلد.
للأسف أحيانًا التنضير يكون هدفه بتر العضو كاملًا وذلك بسبب أن النخر قد أتلف العضو ولم يبقَ فيه أنسجة حية يُمكن تأهيلها لتجدد.
2. العلاج بالإزالة الكيميائية
قد يتم إزالة الأنسجة الميتة كيميائيًا، وذلك يتم من خلال استخدام عوامل الإنضار الإنزيمي المُصنفة على أنها قادرة على تحليل البروتينات المتراكمة في النخر.
3. العلاج باليرقات من نوع محدد
يوجد نوع من اليرقات تُدعى لاسيليا سيركاتا (Lucilia sericata)، والتي تعمل على التهام الأنسجة الميتة، وهذا النوع يُستخدم بالنخر المتواجد على الجلد، أما في حالة النخر الداخلي فلا يُمكن لليرقات أن تُفيد.
4. العلاج الدوائي
يتم في حالة نخر الجروح استخدام العلاج الدوائي المتمثل بالمراهم المضادة لأنواع البكتيريا والفطريات المُسببة للحالة.
كما قد يتم وصف الأدوية المثبطة للمناعة لتحد من عمل الأنسجة في نخر نفسها، وهذا يتم التطرق له كثيرًا في حالة عند إصابة الجلد بالنخر نتيجة لدغة الأفعى.
الوقاية من النخر
يُمكن الوقاية من النخر، وخاصةً النخر الجلدي (الخارجي) من خلال اتباع الطرق الآتية:
- الاعتناء بالجرح إن وُجد وعدم لمسه بأيدي متسخة وتغير الضمادات عليه باستمرار.
- مراجعة الطبيب فورًا في حال التعرض للدغ العنكبوت أو السقوط والشعور بأن المنطقة يحدث بها تغيرات غريبة.
- الحفاظ على نظافة الجلد عمومًا، وذلك باستحمام مرتين أسبوعيًا على الأقل.