النفخة القلبية
Cardiac murmur
النفخة القلبية هي عبارة عن سلسلة من التذبذبات (Oscillations) الناجمة عن تدفق الدم في القلب، بالإمكان سماع هذا الصوت عند الاستعانة بالسماعة الطبية (Stethoscope) أو بواسطة مخطط أصوات القلب (Phonocardiograph).
ويُشير الصوت الأول للقلب إلى انغلاق الصمام ثلاثي الشرفات والصمام التاجي، أما الصوت الثاني للقلب فينتج عن انغلاق الصمام الهلالي.
يتم تصنيف النفخات القلبية بحسب موقعها من أصوات القلب إلى الانقباضي، والانبساطي، والمتواتر وهي الحالة التي يكون فيها الصوت ناجمًا عن الانقباض، وتستمر مع الصوت الثاني للقلب وتنتهي بالانبساط، ويُساهم تحديد الوصف الدقيق للنفخة القلبية في تحديد طبيعة التشوه الخلقي ومدى حدته.
عند سماع النفخة القلبية مباشرة بعد الولادة تكون هذه علامة على تشوه خلقي في القلب، أما التشوه المكتسب مع الوقت فيُسبب هو الآخر حدوث نفخة قلبية.
تتألّف نغمات النفخة القلبية من ترددات مميزة، فمثلًا النفخة الصافرة تنجم عند جريان دم ذات حجم كبير عن طريق فتحة ضيقة، والنفخة التراجعية (Decrescendo) تنشأ عند جريان الدم بين منطقتين يكون فرق الضغط بينهما منخفضًا، والنفخة الجافة تنشأ عند جريان الدم بكميات كبير وبسرعة كبيرة عبر فتحة ضيقة.
عند تدفق الدم عن طريق صمامات سليمة تنشأ نفخة قلبية صافرة لدى الأطفال والبالغين، ولا يكون عند الشخص البالغ والمعافى عادةً وجود للنفخات القلبية.
أنواع النفخة القلبية الرئيسية
يتم تصنيف النفخات القلبية على النحو الآتي:
1. النفخة القلبية النصف انقباضية (Midsystolic)
تبدأ النفخة القلبية النصف انقباضية بعد الصوت الأول وتنتهي قبل الصوت الثاني، تنشأ هذه النفخة من ضيق في صمام أحد البطينين وتكون النفخة قوية في البداية، ثم تضعف قوتها تباعًا، وغالبًا تكون النفخة الجافة قوية وبالإمكان سماعها بوضوح في منطقة القسم العلوي للصدر.
2. نفخة انقباضية تامّة كاملة (Holosystolic)
تبدأ فورًا بعد الصوت الأول وتستمر حتى الصوت الثاني، وتتميز بوجود قصور في الصمام الموجود بين الأذين والبطين.
عندما تنشأ النفخة من قصور ثلاثي الشرفات تزداد النفخة عند الشهيق، بينما عندما تكون ناشئة من قصور ثنائي الشرفات تضعف النفخة عند الشهيق.
تنشأ النفخة القلبية الانقباضية التامة عند وجود تلف في الحاجز الفاصل بين البطينين ويكون هذا التلف مولودًا، أو مكتسبًا عندما يكون الضغط في البطين الأيسر أكبر بكثير منه في البطين الأيمن.
3. نفخة انقباضية مبكّرة (Early systolic)
تنشأ عند حدوث قصور ثنائي الشرفات بشكل مفاجئ عندها يكون الأذين الأيسر متقلصًا، وعندما يرتفع الضغط بسرعة كبيرة بسبب ذلك يتوقف جريان الدم من البطين.
بين هذه النفخات القلبية تكون هنالك أيضًا نفخات قلبية متعلقة بفرط سرعة تدفق الدم (Flow murmur) وتتكون هذه الحالة عند وجود تشوه آخر والذي يؤدي إلى تدفق سريع مرورًا بصمام سليم، إن وجود نفخة صدرية لا يُشير بالضرورة لمرض أو مشكلة صحية، فعند الكثير من الأطفال مثلًا تكون هنالك نفخة قلبية انقباضية، وتكون هذه النفخة عادةً انعكاسًا لتدفق قوي حتى عندما يكون القلب سليمًا معافى بشكل تام.
تكون النفخات القلبية الانقباضية الدائمة أو المستمرة خارجة عن المألوف، وتُثير هذه النفخات التي تظهر عند الانقباض الشكوك بوجود قصور في الصمامات البطينية، وعادةً تقل حدة هذه النفخات تدريجيًا أثناء الانقباض.
تكون النفخات الدائمة، أو المستمرة نادرة الحدوث وتنشأ عند وجود جريان بين الأوعية الدموية ذات الضغط العالي إلى الأوعية الدموية ذات الضغط المنخفض، على سبيل المثال: التسرب بين الشريان الأبهر وشريان الرئة، أو التسرب بين شريان ووريد مجاور له.
أعراض النفخة القلبية
في بعض أنواع النفخات القلبية الخفيفة قد لا يُعاني المريض من وجود أعراض، ولكن في حالات أكثر شدة قد تُواجه المريض بعض الأعراض الناتجة عن مسببها، ومن أبرزها:
- تغيُّر لون الجلد للأزرق خصوصًا في أطراف الأصابع، والشفتين.
- انتفاخ الجسم، أو زيادة الوزن بشكل مفاجئ.
- ضيق النفس.
- السعال المزمن.
- تضخم الكبد.
- تضخم في أوردة الرقبة.
- انعدام الشهية عند الأطفال وبطء النمو.
- التعرّق الشديد دون ممارسة النشاطات.
- وجع في الصدر.
- الدوار.
- الإغماء.
أسباب وعوامل خطر النفخة القلبية
هناك العديد من الأسباب وعوامل الخطر التي تسبب نفخة القلب، وهي كالآتي:
1. أسباب نفخة القلب
تختلف أسباب نفخة القلب في حال كانت عارضة غير مؤذية، أو كانت غير طبيعية.
-
أسباب نفخة القلب العارضة
تتواجد هذه النفخة في بعض القلوب الطبيعية، وغالبًا ما تكون عند حديثي الولادة والأطفال.
تحدث النفخة القلبية الخفيفة بسبب سرعة تدفق الدم من القلب مُسببًا النفخة، ومن أبرز مسبباتها:
- الحمل.
- ممارسة الرياضة.
- الحمى.
- فقر الدم.
- فرط نشاط الغدة الدرقية.
- مراحل النمو السريع، مثل: المراهقة.
-
أسباب نفخة القلب غير الطبيعية
غالبًا تكون النفخة القلبية ناجمة عن تشوه خلقي في صمامات القلب، كما تكون أحيانًا ناجمة عن فتحات ليست لها وظائف حيوية في الحواجز الموجودة بين فراغات القلب المختلفة، وكذلك من الممكن أن تنجم عن ارتباطات بين الأوعية الدموية الرئيسية والقريبة من القلب وغيرها من الأسباب.
تنشأ النفخة القلبية عند جريان الدم بطريقة تُشَكِّل دوّامة، فعند جريان السائل من فتحة ضيقة إلى تجويف واسع تتشكل دوامة، وعندما يلتقي تيار دم سريع بجدار القلب أو مع تيار دم قادم من اتجاه واحد فإنه يصدر أصوات تعرف بالنفخة.
ومن أبرز أسباب حدوث النفخات القلبية الناتجة عن العيوب الخلقية، أو تغيرات في مبنى القلب ناتحة عن عدوى معينة ما يأتي:
- الثقب في القلب: يعتمد مقدار الخطر الناتج عن ثقب القلب بالاعتماد على حجم الثقب.
- التحويلات القلبية (Cardiac shunts): يحدث نتيجة اضطراب في تدفق الدم من الحجرات باتجاه الأوعية الدموية.
- مشاكل خلقية في الصمامات: مثل حدوث تضيُّق في الصمامات مما يمنع عبور الدم من خلاله.
- تكلّس الصمام (Valve calcification): زيادة في سمك الصمام مما يُسبب تضيقه مما يمنع من تدفق الدم من خلاله.
- التهاب شغاف القلب: تعرّض الغشاء الداخلي للقلب للعدوى الجرثومية وتنتقل عبر الدم ثم تلتصق بالقلب.
- الحمى الروماتيزمية: هي أمرًا نادرًا ولكن في حال حدوثها قد تُسبب ضرر دائم في الصمامات مما يُؤدي إلى منع تدفق الدم إليه.
2. عوامل الخطر
هناك العديد من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة بالنفخة:
- ضعف في عضلة القلب.
- تعرّض الغشاء الداخلي للقلب للعدوى.
- أمراض الدم المختلفة.
- أمراض المناعة الذاتية، مثل: الذئبة، والتهاب المفاصل الروماتويدي.
- مواد كيميائية ناتجة عن وجود ورم نادر في الرئة، أو الجهاز الهضمي.
- ارتفاع ضغط الدم.
- ارتفاع ضغط الدم الرئوي.
- أمراض الصمامات.
مضاعفات النفخة القلبية
في معظم الحالات تكون النفخة القلبية ليست خطيرة ولا تُسبب مضاعفات.
تشخيص النفخة القلبية
يتم تشخيص الإصابة بالنفخة القلبية عن طريق الإجراءات الآتية:
1. الإنصات لصوت القلب
إن الإنصات لصمام مصاب بالتشوه الخلقي المكتسب يتيح تشخيصًا دقيقًا في أغلب الحالات، وعند الإنصات للقلب من الضروري تحديد الآتي:
- تحديد إذا كانت النفخة تنشأ أثناء الانقباض، أو أثناء الانبساط.
- تحديد قوة النفخة، وهنالك تصنيف أوروبي متبع لتحديد قوة النفخة ويتراوح سلم التصنيف بين درجة واحدة وست درجات، وبالمقابل هنالك تصنيف أمريكي الذي يقوم بتحديد 4 درجات قوة للنفخة القلبية، ويكون تحديد القوة بشكل ذاتي.
- تحديد موقع صدور النفخة القلبية.
- تحديد إذا كانت النفخة القلبية تُسمع أيضًا في منطقة الإبط الأيسر قرب شرايين العنق.
- تحديد إذا كان تغيير وضعية الجسم يُؤثر على قوة النفخة وتحديد الذي يحدث للنفخة إذا تم التوقف عن التنفس.
2. فحوصات أخرى
يتم إجراء بعض الفحوصات الأخرى للتأكد من النفخة القلبية، وهي كالآتي:
-
مخطط صدى القلب (Echocardiogram)
يتم معرفة سبب حدوث النفخة من خلال هذا المخطط، كما أنه يتم من خلاله معرفة وجود مشاكل في صمامات القلب.
-
تصوير الصدر بالأشعة السينية (Chest X ray)
يتم من خلاله تصوير القلب، والرئة، والأوعية الدموية لمعرفة في حال وجود تضخم في القلب مما يُسبب النفخة.
-
مخطط كهربائية القلب (Electrocardiogram - ECG)
يتم من خلال هذا التحليل معرفة الاضطرابات التي تحدث في معدل نبضات القلب وأسبابها.
-
قسطرة القلب (Cardiac catheterization)
يتم إدخال أنبوب عبر الوريد الموجود في القدم، أو الذراع وصولًا للقلب للكشف عن تدفق الدم إلى القلب، وسلامة الصمامات.
علاج النفخة القلبية
في معظم الحالات تكون النفخة القلبية عارضة وبسيطة ولا تستدعي علاج، ولكن في الحالات الشديدة يجب علاج المسبب لحدوثها، كما في الآتي:
1. العلاج الدوائي
يعتمد العلاج الدوائي على المسبب للمرض، ومن أبرز العلاجات التي قد تُستخدم:
- مميعات الدم: يتم استخدامها لمنع حدوث تجلطات في الدم، ومن أبرزها: الأسبرين (Aspirin)، والوارفرين (Warfarin).
- مدرات البول: يتم استخدام مدرات البول في حال وجود احتباس في السوائل، كما يُساعد في علاج أمراض تزيد من تفاقم النفخة، مثل: ارتفاع ضغط الدم.
- مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين (ACEI): يتم من خلاله خفض ضغط الدم الذي قد يُسبب ارتفاعه حدوث النفخات القلبية.
- الستاتين (Statin): يُساعد الستاتين في خفض ارتفاع الكولسترول في الدم الذي يُعد من مسببات تضيُّق الصمامات.
- حاصرات البيتا (Beta blockers): يُساعد هذا الدواء في تنظيم ضربات القلب، وخفض ضغط الدم مما يُساعد في علاج بعض أنواع أمراض الصمامات.
2. العلاجات الجراحية
قد تتطلب بعض الحالات إجراء العمليات المختلفة لإصلاح الصمامات، أو استبدالها، ومن هذه العمليات المجراة ما يأتي:
- رأب الصمام (Balloon valvuloplasty).
- عملية القلب المفتوح.
- استبدال الصمام الأبهري عبر القسطرة.
الوقاية من النفخة القلبية
لا توجد طرق للوقاية من الإصابة بالنفخة القلبية.