الفيلقية
Legionaire disease
شهد العام 1976 تفشيًا لالتهاب رئوي في فندق في ولاية فيلادلفيا في الولايات المتحدة بين المشاركين في مؤتمر للفيلق الأمريكي.
فقد أُصيب 182 شخصًا من المشاركين في المؤتمر بالتهاب رئوي، وتوفي 34 شخصًا بنسبة 17% منهم، وقد قام الباحثون بعزل جرثومة لم تكن معروفة حتى ذلك الحين من رئات المرضى الذين لقوا حتفهم، ومنذ ذلك الحين أُطلق على هذه الجرثومة اسم الفيلقية المستروحة (Legionella pneumophila).
عند فحص عينات مجمدة من دماء المرضى الذين أُصيبوا عند تفشي الالتهاب الرئوي في وقت سابق تبين أن هؤلاء المرضى أيضًا كانوا قد أُصيبوا بجرثومة الفيلقية، هذه الجرثومة تنمو في بيئة رطبة، وتتوفر في داخل المكثـّفات التبخيرية (Evaporative condensers)، وفي أبراج التبريد، وفي مكيفات الهواء وغيرها من الأجهزة التي بواسطتها نشر الهواء الرطب.
منذ تحديد هوية جرثومة الفيلقية وعلاقتها بالالتهاب الرئوي يتم اعتماد تدابير خاصة لتطهير أبراج التبريد وما شابه.
الأعراض التي تُسببها جرثومة الفيلقية متعددة ومتنوعة، وتتراوح بين مرض أشبه بالإنفلونزا التي تُسمى حمى البونتياك (Pontiac fever) التي تختفي تلقائيًا في غضون نحو أسبوع واحد دون ظهور الالتهاب الرئوي، وحتى الالتهاب الرئوي الحاد.
فترة حضانة الجرثومة تتراوح من 2 - 10 أيام منذ التعرض إلى الإصابة بالعدوى.
يُعد مرض الفيلقية من أصناف التهاب الرئوي الخطيرة، حيث أن 5000 حالة في الولايات المتحدة الأمريكية تُصاب فيه.
أعراض الفيلقية
تبدأ أعراض داء الفيالقة خلال 2 - 10 أيام من التعرض للبكتيريا، كما أن الأعراض تتفاقم مع الزمن في حال عدم العلاج.
1. الأعراض الأولية لداء الفيالقة
تشمل الأعراض الأولية للمرض ما يأتي:
- الحمى وارتفاع درجة حرارة الجسم فوق 40 درجة مئوية.
- الشعور العام السيء.
- آلام في العضلات.
2. أعراض تفاقم مرض الفيالقة
من أبرز أعراض مرض الفيالقة ما يأتي:
- كحة، وقد تحتوي على مخاط وأحيانًا دماء.
- ضيق النفس.
- وجع في الصدر.
- أعراض اضطراب الجهاز الهضمي، مثل: الاستفراغ، والغثيان، والإسهال.
- الارتباك.
- التغيّرات المزاجية.
في البداية يكون السعال قليلًا وخفيفًا، ثم يزداد قوة، وأحيانًا يكون مصحوبًا بالبلغم، وقد يعاني البعض من الإسهال نحو 25% - 50% من المرضى.
أسباب وعوامل خطر الفيلقية
هناك العديد من الأسباب، والعوامل، والطرق التي تنتقل بها داء الفيالقة، تعرّف عليها في الآتي:
1. أسباب داء الفيالقة
يحدث المرض غالبًا بسبب بكتيريا الفيلقية المستروحة، وهي بكتيريا تتواجد في الهواء، وفي التربة، وفي الماء بشكل حر ولكنها تُسبب المرض بشكل نادر، ومع ذلك يُمكن أن ينتقل المرض بشكل أكبر عن طريق أنظمة المياه التي يُصنّعها الإنسان، مثل: المكيفات.
2. طريقة انتقال مرض الفيالقة
هناك عدة طرق لانتقال المرض وهي كالآتي:
-
المياه الملوثة بالبكتيريا
يُصاب معظم الأشخاص بمرض الفيالقة عن طريق استنشقاء قطرات الماء التي تحتوي على البكتيريا، وقد يكون ذلك من خلال دش الاستحمام، أو مياه الصنبور، أو أنظمة التهوية في المباني السكنية.
ومن أبرز الأماكن التي تزيد من تفاقم المرض:
- أحواض المياه الساخنة.
- أنظمة التبريد والمكيفات.
- أحواض الاستحمام.
- سخانات المياه.
- النوافير الزخرفية.
- برك الولادة.
- الشرب من المياه الملوثة.
-
وصول المياه الملوثة إلى الرئتين
قد تصل المياه إلى الرئتين عن طريق السعال، أو الاختناق أثناء الشرب مما يُسبب وصول البكتيريا الرئتين والتسبب بالإصابة بالمرض.
-
التربة الملوثة
يُمكن أن تصل البكتيريا إلى بعض الأشخاص بشكل نادر عن طريق العمل في الحديقة، أو التربة المزروعة بمياه ملوثة.
3. عوامل الخطر
لا تُسبب البكتيريا المرض للجميع، وهناك عوامل تزيد من خطر الإصابة بالمرض، مثل:
- التدخين: يُسبب التدخين تلف الرئتين، وهذا يجعل الرئة أكثر عرضة للإثابة بالعدوى بمختلف أنوعها ومنها الفيلقية.
- ضعف جهاز المناعة: قد يكون ناتج عن بعض الأمراض، مثل: الإيدز، أو شرب بعض الأدوية، مثل: الكورتيكوسترويدات (Corticosteroids).
- وجود أمراض مزمنة: من أبرز الأمراض المزمنة: نفاخ الرئة، ومرض السكري، والسرطان، وأمراض الكلى.
- التقدم في العمر: يزيد خطر الإصابة في المرض حينما يكون العمر أكثر من 50 عامًا.
مضاعفات الفيلقية
من أبرز المضاعفات الناتجة عن الفيلقية والتي قد تُعرض الحياة للخطر:
1. الفشل التنفسي (Respiratory failure)
في حال وصول المريض للفشل التنفسي عندها لا تستطيع رئتيه إيصال الكمية الكافية من الأكسجين لباقي أعضاء الجسم، أو قد لا تستطيع التخلص من غاز ثاني أكسيد الكربون بشكل طبيعي.
2. صدمة إنتانية (Septic shock)
تُسبب الصدمة انخفاض ضغط الدم بشكل كبير مما يُقلل من تدفق الدم لأعضاء الجسم وتحديدًا القلب، والكلى، ويُحاول القلب تعويض ذلك من خلال زيادة حجم الدم أثناء عملية النبض ولكن ذلك يُسبب إجهاده مما يُؤدي أيضًا لنقص تدفق الدم بالنهاية.
3. الفشل الكلوي الحاد (Acute kidney failure)
عندما تفقد الكلية قدرتها على العمل بشكل مفاجئ يُسبب ذلك منع تنقية الدم من السموم، وعندها تتراكم السموم والسوائل داخل الجسم بسبب الفشل الكلوي.
في حال عدم علاج المرض قد يُسبب ذلك الموت في النهاية.
تشخيص الفيلقية
يتم تشخيص الإصابة بالفيلقية مثل تشخيص جميع الالتهابات الرئوية الأخرى، ويتم ذلك عن طريق إجراء الفحوصات الآتية:
- فحوصات الدم والبول: للتحقق من نوع البكتيريا المسببة للأعراض.
- التصوير بالأشعة السينية للرئة (Chest X ray): لا يستطيع الفحص معرفة وجود المرض، ولكن يتم من خلاله معرفة مدى انتشار المرض المعدي.
- أخذ عينات من المخاط أو من الرئة: للتحقق من نوع البكتيريا في حال فشلت الفحوصات السابقة بمعرفتها.
علاج الفيلقية
يتم علاج داء الفيلقية عن طريق اتباع الإجراءات الآتية:
1. استخدام المضادات الحيوية
يبدأ عادةً العلاج بإعطاء المضادات الحيوية عن طريق الوريد ومجرد أن يتحسّن الوضع يتم تحويل العلاج بالمضادات الحيوية عن طريق العلاج الفموي.
غالبًا يستمر العلاج مفترة بين 1- 3 أسابيع، ومعظم الأشخاص يتعافون خلال عدة أسابيع قليلة.
العلاج عادةً يعتمد على حالة المريض، ولكن غالبًا يقوم الطبيب باختيار مضاد حيوي من أحد المجموعات الثلاثة الآتية:
-
مجموعة الفلوروكينولونات (Fluoroquinolone)
تتضمن المجموعة أحد الأدوية الآتية:
- ليفوفلوكساسين (Levofloxacin) وهو الخيار الأول للعلاج.
- سيبروفلوكساسين (Ciprofloxacin).
- موكسيفلوكساسين (Moxifloxacin).
-
مجموعة الماكرولايد (Macolides)
ومن أبرز الأمثلة على مجموعة الماكرولايد:
- أزيثرومايسين (Azithromycin).
- كلاريثرومايسين (Clarithromycin).
- إريثرومايسين (Erythromycin).
-
مجموعة التيتراسايكلين (Tetracyclines)
ومن أشهرها دواء الدوكسيسايكلين (Doxycycline).
2. علاج الأعراض التي تُصيب المريض
في بعض الحالات يتطلب وضع المريض استخدام العلاجات الآتية للتخفيف من الأعراض التي تُصيبه:
- الأكسجين: يتم إعطاء المريض الأكسجين في حال وجود نقص الأكسجين في الدم.
- جهاز التنفس الاصطناعي: في حال كان المريض يُعاني من ضيق النفس.
الوقاية من الفيلقية
لا يوجد مطعوم للوقاية من الإصابة بالمرض، ولكن قد تُساعد الإجراءات الآتية في الوقاية من الإصابة بداء الفيلقية:
- مراقبة المياه التي يتم استخدامها بمختلف الطرق وتنظيفها بشكل دوري.
- الحرص على شرب مياه نظيفة ومن مصادر موثوقة.
- الإقلاع عن التدخين.
- الحرص على توافر إدارة جيدة للمياه في المباني السكنية.