العوز المناعي الثانوي
Secondary immunodeficiency
لفهم ما يُقصد بالعوز المناعي الثانوي لا بّد من معرفة مفهوم العوز المناعي عمومًا، حيث أن العوز المناعي يُعرف بأنه حالة يحصل فيها خلل في عمل الجهاز المناعي (Immune system)، ونتيجة الاضطراب في أداء جهاز المناعة يصبح الشخص أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المعدية.
ويُقسم العوز المناعي إلى قسمين رئيسين، وهما:
- العوز المناعي الأولي: وهو ينتج عن خلل خلقي.
- العوز المناعي الثانوي: وهو ينتج من خلل مُكتسب في الجسم، وسنختص بذكر كافة المعلومات عنه في ما يأتي:
ماذا يُقصد بالعوز المناعي الثانوي؟
العوز المناعي الثانوي والذي يُطلق عليه أيضًا مُسمى العوز المناعي المُكتسب هو خلل يحدث بالجهاز المناعي نتيجة تعرضه لعامل خارجي قوي أدى إلى هذا الخلل، ومن أكثر الأمثلة انتشارًا على هذا النوع هو الإصابة التي يسببها فيروس الإيدز (Human Immunodeficiency Virus - HIV).
تصنف أمراض العوز المناعي الثانوي إلى مجموعتين أساسيتين، وهما:
- أمراض يكون فيها الكبت المناعي (Immunosuppression) هو أحد المضاعفات البيولوجية الناجمة عن مرضٍ آخر.
- أمراض يتكون فيها العوز المناعي كأحد المضاعفات الناجمة عن علاج أمراض أخرى، أي أنها تكون ذات منشأ علاجي (Iatrogenesis).
أعراض العوز المناعي الثانوي
أعراض العوز المناعي الثانوي العامة تتمثل في ما يأتي:
- أكزيما شديدة.
- التهابات جلدية خطيرة.
- الفشل في النمو واكتساب الوزن في مرحلة الطفولة.
- تضخم الغدد الليمفاوية.
- مشاكل هضمية شديدة، مثل: التقلصات، والإسهال.
- التعب الشديد.
- تقرحات فموية.
- آلام متعددة في الجسم.
الأعراض لا تتوقف عند هذا الحد وإنما تكون أكثر حدة وأكثر ظهورًا وفق المرض الذي نتج منه العوز المناعي المكتسب، مثل: الإيدز، أو المرض الذي نتج عن العوز المناعي المكتسب، مثل: العدوى الفيروسية أو البكتيرية.
أسباب وعوامل خطر العوز المناعي الثانوي
تتمثل أبرز الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالعوز المناعي الثانوي كل مما يأتي:
1. الأورام
الأورام عمومًا وخاصةً الأورام السرطانية الليمفاوية (Lymphoma) تُعدّ من أحد أسباب التعرض للعوز المناعي الثانوي.
المرضى الذين يُعانون من سرطان منتشر ومتقدم هم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض التلوثية المعدية، وذلك بسبب الضرر العام الذي يلحق بعمل جهاز المناعة، فمثلًا الأورام التي ترسل النقائل (Metastases) إلى النقي نخاع العظم (Medulla ossium)، أو الأورام الخبيثة التي يكون مصدرها في نقي العظم قد تتدخل وتمسّ بتطور الخلايا المناعية السليمة من نقي العظم.
كما قد تفرز الخلايا السرطانية عوامل إذابة مختلفة تُسبب كبت عمل خلايا الجهاز المناعي.
2. الأمراض الفيروسية
ذُكر سابقًا أن الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية يُسبب العوز المناعي الثانوي، لكن لا يتوقف الأمر على هذا الحد إنما يوجد عدة فيروسات قد تُسبب ذات المرض، ومن أبرزها الآتي:
- فيروس الحصبة (Measles virus).
- فيروس تي- الليمفاوي البشري من النوع الأول (Human T-lymphotropic virus 1).
يجدر الذكر أن عدوى الطفيليات المزمنة قد تؤدي إلى كبت عمل الجهاز المناعي أيضًا، فمثلًا الأطفال في أفريقيا الذين كانوا يُعانون من ملاريا المزمنة تضرر لديهم عمل الخلايا اللمفاوية التائية (T-Cell)، الأمر الذي عرّضهم للإصابة بفيروس إبشتاين بار (Epstein Barrvirus - EBV) وبأمراض سرطانية خبيثة تتعلق بالعدوى بالإصابة المزمنة بهذا الفيروس.
3. بعض أنواع الأدوية
تناول بعض أنواع الأدوية يُمكن أن يؤدي إلى الإصابة بالعوز المناعي الثانوي، إذ إن بعض أنواع الأدوية تُدمر أو تُؤذي عمل خلايا جهاز المناعة، فهذه الأدوية تهدف منذ البداية إلى كبت عمل جهاز المناعة، فهي غالبًا تُعطى من رفض الجسم لعضو مزروع، أو كعلاج لأمراض التهابية مختلفة.
الأدوية الهادفة إلى حد عمل جهاز المناعة تُسمى كابتة المناعة (Immunosuppressive drugs) وهي تشمل بشكل أساسي كل من الآتي:
- الستيرويدات (Steroids).
- الأدوية الكيماوية، لذلك فإن علاج السرطان الكيماوي دائمًا يتبعه إصابة المُعالج بالعديد من الأمراض، كون جهازه المناعي أصبح أقل نشاطًا، ومن هذا المنطلق يُوصى مريض السرطان بالابتعاد قدر المُستطاع عن أسباب المرض والحفاظ على صحته جيدًا.
4. استئصال الطحال
مرض العوز المناعي الثانوي يُمكن أن يظهر لدى أشخاص الذين استأصلوا الطحال بعد إصابته أو كعلاج لأمراض دموية مختلفة.
السبب في أن استئصال الطحال قد يُسبب مرض العوز المناعي الثانوي هو أن الطحال يُساهم في تقوية الجهاز المناعي ويُساهم في ردع العديد من الأمراض، لذا استئصاله يُضعف الجسم ويجعله عُرضة للملوثات.
5. سوء التغذية
سوء التغذية لا يزال منتشرًا في الدول النامية وله علاقة بحصول اضطراب عام في أداء الجهاز المناعي، حيث أن أحد الأسباب الأساسية للمرض والوفيات بين الأشخاص الذين يعانون من سوء التغذية هو الأمراض التلوثية، إذ تكمن خلفية نشوئها وتطورها من الإصابة بالعوز المناعي الثانوي الذي ينجم عن نقص في البروتينات، والدهنيات، والفيتامينات والمعادن.
6. أسباب العوز المناعي الثانوي الأقل انتشارًا
إن حالات نادرة من العوز المناعي الثانوي تحدث بسبب كل مما يأتي:
- الحروق الشديدة: إذ أن تعرض الجسم لحروق جدًا شديدة تُؤدي إلى نقص المناعة.
- مرض السكري: يرتبط مرض السكري من النوع الثاني بنقص مناعة الجسم مُسببًا في بعض الأحيان العوز المناعي الثانوي.
- صغر العمر: يُقصد هها الرضع، والسبب أن الجهاز المناعي لديهم لا يكون قد اكتمل تمامًا.
- التقدم في السن: يحدث ذلك نتيجة تدهور فعالية جهاز المناعة كجزء من عملية الشيخوخة.
مضاعفات العوز المناعي الثانوي
المضاعفات الأكثر انتشارًا من العوز المناعي الثانوي تتمثل بالإصابة بالأمراض المعدية، والتي تؤدي إلى العديد من المشكلات الصحية المتمثلة في ما يأتي:
- تعب عام في الجسم.
- ألم تتراوح شدته من البسيط إلى الشديد وفق نوع العدوى، وهذا الألم يكون موقعه أيضًا وفق المُسبب، فإن كانت عدوى طفيلية فغالبًا الألم سيرتكز في الجهاز الهضمي، وإن كانت عدوى فيروسية تنفسية فالألم سيرتكز في الجهاز التنفسي، وهكذا.
- عدم القدرة على ممارسة النشاط اليومي كما السابق.
- الصداع وسوء التركيز.
الجدير بالذكر أن بعض مُسببات العوز المناعي الثانوي تكون خطيرة، مما يجعل المضاعفات تصل إلى حد الوفاة، ومثال على ذلك الإيدز، والأورام السرطانية الخبيثة.
تشخيص العوز المناعي الثانوي
يتم تشخيص اضطرابات المناعية عمومًا، ومنها العوز المناعي الثانوي كما الآتي:
- إجراء فحص جسدي.
- تحديد عدد خلايا الدم البيضاء.
- تحديد عدد الخلايا التائية الموجودة في الجسم.
- تحديد مستويات الغلوبولين المناعي (Immune globulin)
- إجراء اختبار الأجسام المضادة، إذ يُعطي الطبيب للمُصاب لقاحًا، ليتم بعدها بفحص الدم ومعرفة مدى استجابة الجسم ونسبة الأجسام المضادة، في حال لم يُظهر اختبار الدم أجسامًا مضادة فإن الشخص يكون مصابًا بالعوز المناعي.
كما سيقوم الطبيب بطرح السؤال على المريض عن تاريخ العائلي المرضي بما يخص الأمراض المناعية على وجه الخصوص.
علاج العوز المناعي الثانوي
يعتمد علاج كل اضطراب من اضطرابات العوز المناعي الثانوي على الظروف المُسببة له أو الناتجة منه، لذا سيُذكر في ما يأتي بعض هذه الاضطرابات وعلاجها:
1. علاج الإيدز
يُسبب الإيدز العديد من المضاعفات الخاصة به، وعادة ًيصف الطبيب لهذا المرض أدوية مضادة للفيروسات، ومنها:
- أمانتادين (Amantadine).
- آسيكلوفير (Acyclovir).
- الإنترفيرون (Interferon).
2. علاج أورام
العلاج يكمن في تلقي أحد أو الجمع بين العلاجات الآتية:
- العلاج الكيميائي.
- العلاج الإشعاعي.
- العلاج الجراحي.
3. علاج الالتهابات البكتيرية
سيصف الطبيب إن تنتج من العوز المناعي الثانوي أمراض بكتيريا أدوية مُضادة للبكتيريا وفق نوعها.
الوقاية من العوز المناعي الثانوي
يمكن الوقاية من العوز المناعي الثانوي باتباع النصائح الآتية:
- ممارسة الجنس الآمن، ووضع الواقي الذكري أو الواقي الأنثوي، فذلك يحد من مرض الإيدز الذي يُسبب العوز المناعي الثانوي.
- النوم لساعات كافية، حيث أن النوم مهم جدًا لنظام المناعة الصحي.
- تناول الأطعمة الصحية وفذلك يمنع سوء التغذية التي بدورها قد تُسبب العوز المناعي الثانوي.
- ممارسة التمارين الرياضية، وذلك كونها تزيد من مناعة الجسم.